أمي كانت بعين واحدة
لقد كرهتُها
كانت تسبب لي الكثير من الإحراج
كانت تطبخ للطلاب و المعلمين في مدرستي لكي تساند العائلة
ذات يوم بينما كنت بالمدرسة المتوسطة قدِمتْ أمي لتلقي علي التحية
لقد كنت محرَجاً جداً .. كيف استطاعت أن تفعل هذا بي..
لقد تجاهلتها , احتقرتها ... رمقتها بنظرات حقد ... و هربت بعيداً
في اليوم الثاني أحد طلاب فصلي وجه كلامه لي ساخراً:
" ههه , أمك تملك عيناً واحدة "
أردت أن أدفن نفسي وقتها , و تمنيت أن تختفي أمي للأبدد
فواجهتها ذلك اليوم قائلاً : " إن كنت فقط تريدين أن تجعلي مني مهزلة , فلم لا تموتين ؟ "
مكثت أمي صامتة ... و لم تتفوه بكلمة واحدة
لم أفكر للحظة فيما قلته , لأني كنت سأنفجر من الغضب.
كنت غافلاً عن مشاعرها أردت الخروج من ذلك المنزل , فلم يكن لدي شيء لأعمله معها
لذا أخذت أدرس بجد حقيقي , حتى حصلت فرصة للسفر خارج البلاد
بعد ذلك تزوجْتُ .. و امتلكت منزلي الخاص
كان لي أطفال .. و كونتُ أسرتي كنت سعيداً بحياتي الجديدة
كنت سعيداً بأطفالي , و كنت في قمة الارتياح.
في أحد الأيام ... جاءت أمي لتزورني بمنزلي
هي لم ترني منذ أعوام ... و لم ترَ أحفادها و لو لمرة واحدة..
عندما وقفت على باب منزلي , أطفالي أخذوا يضحكون منها..
لقد صرختُ عليها بسبب قدومها بدون موعد
كيف تجرأتِ و قدمْتِ لمنزلي و أرعبْتِ أطفالي ؟ أخرجي من هنا حالاً "..
أجابت بصوت رقيق: " عذراً , آسفة جداً , لربما تبعت العنوان الخطأ " منذ ذلك الحين ... اختفت أمي..
أحد الأيام , وصلتني رسالة من المدرسة بخصوص اجتماع للطلاب المتخرجين
كذبتُ على زوجتي و أخبرتها أني مسافر في رحلة عمل بعد الانتهاء من الاجتماع.
توجهت لكوخي العتيق حيث نشأت، كان فضولي يرشدني لذلك الكوخ
أحد جيراني أخبرني: " لقد توفيت والدتك ! " لم تذرف عيناي بقطرة دمع واحدة..
كان لديها رسالة أرادت مني أن اعرفها قبل وفاتها
" ابني العزيز , لم ابرح أفكر فيك طوال الوقت , أنا آسفة لقدومي لبيتك و إرعابي لأطفالك..
لقد كنت مسرورة عندما عرفت أنك قادم بيوم لم الشمل بالمدرسة ,
لكني لم أكن قادرة على النهوض من السرير لرؤيتك..
أنا آسفة ... فقد كنت مصدر إحراج لك في فترة صباك..
سأخبرك ... عندما كنتَ طفلاً صغيراً تعرضتَ لحادث و فقدتَ إحدى عينيك..
لكني كأم , لم أستطع الوقوف و أشاهدك تنمو بعين واحدة فقط، لذا فقد أعطيتك عيني ...
كنت فخورة جداً بابني الذي كان يريني العالم , بعيني تلك..
مع حبي لك ... أمك "